آراء ومقالات

الدكتور على الشايب أبودقن يكتب :أعماق القضارف والطارئون

أفريكابرس24

قيل والعهد على الراوى أن الفنان الرمز عبدالكريم الكابلي سجل اغنيته الرائعة والتى تعتبر من الروائع (ضنين الوعدِ ) كلمات الشاعر الفذ صديق مدثر وتُعد من الاغنيات التى تميزت بالفصحى والرصانة وجزالة المعنى ، فلا غرو ان احتفل بها العالم العربى لأنها لامست وجدان كل من إستمع عليها، حيث لم تغرق وتغوص فى اللغة السودانوية التى يصعب فهمها وتذوقها من قبل الشعوب العربية آنذاك إذا أضفنا إليها السلم الخماسي ، يقول الراوى أن هذه الأغنية أثارت ضجة لغوية حين تم بث الأغنية التى إحتفى بها كل السودان إلا الاستاذ اللغوى والشاعر محمد عبدالقادر كرف الذى قابل الكابلي وكان منزعجاً وقال له (ده شنو العملتو إنت وصاحبك صديق مدثر كيف تقولوا يا ضنين الوعد ؟ قول لصاحبك ، كرف ما درسك اللازم والمتعدى ؟) وواصل كابلي بأنه نقل هذه الملاحظة للشاعر صدق مدثر والذى طلب منه أن يعدلها ويعيد تسجيلها ( يا ضنيناً بالوعد ) لذا يقول الراوى بهذا السبب تم تسجيل الأغنية مرتين:

يا ضنين الوعدِ

يا ضنيناً بالوعدِ

من فؤادٍ يحمل الحُب

نديا

إن يكُن حُسنكَ مجهول المدى

فخيال الشِعرُ يرتادُ الثُريا ،،

تلك أُمة قد خلت ،علماً وادباً وذوقاً وسياسة لها ما قد سلفت ، وخلفت قوماً إختلطوا بكل طريدٍ وشاردٍ ومتردى ونطيح ، وأخطأ الحكام حين منحوهم جنسية ورقم وطنى وجواز هذا البلد السودان ، وإرتفع سقف طموحهم ليس بأن يجثموا على صدور السودانيين حكاماً وإنما طموح تعدى ذلك لإستئصالهم وإتيان اخرين من بنى جلدتهم ليكونوا لهم النقاء فى العرق والدم الذى لا يحمل من قيم هذا الشعب ، حضارته وتاريخه.

من مِن هؤلاء الطارئين على السودانوية قد سمعوا بعبدالكريم الكابلي إبن القضارف ود (الحاجة صفية بحى الأسراء) عليهم الرحمة والمغفرة؟ ومن منهم ترنم بقطاره هلا

يا ناس قطاره هلا

دعك من ضنيناً بالوعد ؟

من مِنهم هام عشقاً فى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف وسط الحلبة فى زريبة الشيخ البرعى ،النوبة تئن وترن والمادح يصدح:

إبلى المُشَرفات لبنِن فاخِر

ينفعنى دُرهِن فى اليوم الآخر،،

أو :

يا راحلينَ إلى منىً بقيادي

هيجتُمو يومَ الرحيل فؤادي

سرتم وسار دليلكم يا وحشتي

والعيس أطربني وصوت الحادي

حرمتمُ جفني المنام لبعدكم

يا ساكنين المنحنى والوادي

فإذا وصلتُم سالمينَ فبلّغوا

منّي السلام أهيلَ ذاك الوادي

وتذكّروا عند الطواف متيماً

صبّاً فني بالشوق والإبعادِ

لي من ربا أطلال مكّة مرغبٌ

فعسى الإلهُ يجودُ لي بمرادي

ويلوحُ لي ما بين زمزم والصفا

عند المقام سمعت صوت منادي

ويقول لي يا نائماً جدَّ السُرى

عرفاتُ تجلو كلّ قلبٍ صادي

تاللَه ما أحلى المبيت على منى

في يوم عيد أشرفِ الأعيادِ

الناسُ قد حجّوا وقد بلغوا المنى

وأنا حججتُ فما بلغتُ مرادي

حجوا وقد غفر الإلهُ ذنوبَهُم

باتوا بِمُزدَلَفَه بغيرِ تمادِ

ذبحوا ضحاياهُم وسال دماؤُها

وأنا المتَيَّمُ قد نحرتُ فؤادي

حلقوا رؤوسَهمو وقصّوا ظُفرَهُم

قَبِلَ المُهَيمنُ توبةَ الأسيادِ

لبسوا ثياب البيض منشور الرّضا

وأنا المتيم قد لبست سوادي

يا ربِّ أنت وصلتَهُم وقطَعتني

فبحقِّهِم يا ربّ حل قيادي

باللَه يا زوّارَ قبرِ محمّدٍ

من كان منكُم رائحٌ أو غادِ

لِتُبلغوا المُختارَ ألفَ تحيّةٍ

من عاشقٍ متقطِّع الأكبادِ

قولوا له عبدُ الرحيم متيِّمٌ

ومفارقُ الأحبابِ والأولادِ

صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى

ما سارَ ركبٌ أو ترنَّمَ حادِ

لكن الأوباش الذين لا دين ولاحرمة لهم ولا قيم إستباحوا الزريبة وكانوا قد إستباحوا ود النورة والهلالية وهبيلا والفاشر والقائمة تطول لأنهم طارئون على القيم .

تلك أمة خلت وشكلت وجدان السودانيين فلا عجب إن كان لقضارف الخير منها نصيب وافر فهى ما زالت معطاءة باهل الفن والأدب والعلم والقانون والثقافة ، على سبيل المثال لا الحصر ، الدكتور عمر الحاج كابو ، مهدى الجمل ، خليفة جعفر على ، حسن محجوب ، على عبداللطيف البدوى ،الطاهر عباس ، الفنان المخضرم عثمان مرقة والشاب المميز ابوعلامة والقائمة تطول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى